الثلاثاء، 26 يوليو 2011

زوج الجنية ..

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمدٍ وآل محمد
السلام على مولاتي التي اسير على خُطاها وأرنو لرضا الله تعالى برضاها
(( الصديقة الزهراء عليها السلام ))



كان ذلك الرجل لغز القرية الذي تحيطه أسوار الغرابة وحديثها الشيق المغلف بأسطورية القلقلة , فمنذ أقام فيها منذ عام لم يسبق لأحدٍ أن عرف أسمه أو دخل بيته , فتصرفاته ليست سوى أفعالٍ تثير الريبة وتصنع منه كياناً ذا وهج خيالي الحدود يزرع الرعب في قلب كل من حاول الإقتراب منه وكسر طوق حد الغموض الذي يقيمه حول نفسه ,


فقد كان إنساناً صامتاً في الغالب , يخرج عند بزوغ خيط الفجر الأول , واضعاً معوله على كتفه الأيمن والذي دخلت خارطة عظامه عامها الستين , ممسكاً بكيسٍ يحتوي قطعة قماش زرقاء كبيرة , ويقصد أرضاً مُجدبة خلف القرية ويصعد تلها الترابي المسكون بالأرواح والأشباح ويغور فيه ,



لايعود إلا بعد الغروب ومعوله على كتفه أيضاً ومعه قطعة القماش الزرقاء وقد تحولت إلا صُرة صغيرة , ينظر خلفه , و على جانبيه , يدور حول بيته , يرصد الطريق المؤدية إليه قبل إن يدخل , يوصد الباب خلفه ولايشعل سراجاً أو يوقد مصباحاً بل يغرق في الظلام حتى الصباح !



بدأ القلق يساور كل من في القرية , أستاء الرجال وإنشغلوا بالتفكير عن سبر أغواره , بينما بدأت النسوة تحيك عنه الحكايا وقتما يملأن أوانيهن بالماء عند الشاطئ ,



تفوه واعيتهن :
_ إنه ساحر .
وتجيبها الجاهلة :
_ لا بل زوج جنية ! , ولهذا يذهب للتلة كل يوم .
تزداد الحماسة ويتسع أفق الإشاعة :
_ لا بل زوجته الجنية في بيته , وأنما يقصد التلة ليأتها بُصرة الطعام من أهلها القاطنين هناك . 




أنغمس أهل القرية بتصديق بذرة أكذوبتهم , ويسقونها من نياتهم الصافية التي لا تعرف تلوث قلوب البشر في الألفية الثالثة , فأورقت حكاية هذا الرجل كسليلة لحكايا أجدادهم مع الأرواح والأشباح والجن , فصاروا يخشونه ويتحاشونه وهو يستغل جهلهم ويرهبهم بمزيد من حركاته الغامضة والتي لاتخلو من صبغة درامية , ثم كشفت الأيام عن شابٍ واعٍ شق جيب الضبابية التي تكتنف الرجل



_ إن هذا الرجل ليلاً يتحدث لغات عدة , يتصل بإشخاص كُثر , إنه مهرب آثار , يسرق آثار التلة .!!




 لم يرغبوا بتصديقه فقلوبهم الناصعة مرتع خصب للخيال الواسع المتوائم مع الارض الممتدة والمكشوفة والتي لايزعجها سوى دخان مصانع الطابوق وضوضاء السيارات وهي تسلب الصفاء هدوءه هناك , أقتربوا من بعضهم وكإنهم بنيان مرصوص خوفاً على حروف السر الخطير من التسرب من بين أبدانهم ,


وتهامسوا :
_ بل إنه يحدث زوجته الجنية ..!!
بزغ خيط الفجر الأول وأنطلق الرجل بمعوله وكيسه للتل , بينما أصبح الشاب ميتاً , فحملوا جنازته وتهامسوا مرة أخرى :



_ قتلته الجنية !!


ليست هناك تعليقات: