صاحبة العطر ..
لايدري أين هو , وكيف وصل إلى هنا , ولا حتى الطرق التي قادته الى هذا المكان !, لايذكر سوى ذلك العطر الذي حملته له نسمات المساء عبر النافذة المفتوحة وجعلته أسير أستنشاقه وتتبع مصدره , مصدره الذي ظل مجهولاً رغم السير لمسافات طويلة في دروب لم يسبق له إن سلكها من قبل أو رأى منظرها الغريب ولولمرة واحدة في حياته , ربما هي متاهة التجرد من الزمان والمكان وتتبع الحاسة التي توقفت عن أمره بِالتقدم وقتمأ زاد تركيزالعطر وتملك أنفاسه عند فتاة بدت كملاكٍ محاطٍ بهالة نور في ليلة حالكة الظلام ,
ضج دماغه بالإسئلة المنطقية , فما هذا العطر ؟ وماسره ؟ وما ومن تلك الفتاة التي يفوح منها ؟
توارت عنه في طريق طويلٍ فتبعها دون أن يسألها ودون إن ينظر الى كل ماحوله وهو يتغير ويكتسي حله أخرى من الغرابة والغموض والصمت والظلمة والجنون , فلا البيوت عادت هي ذاتها البيوت ولا الأسفلت هو نفسه الأسفلت , حتى ماء النهر الذي جواره بدا يأخذ لوناً آخر !
سحق الأشواك وهرب بمعجزة من الذئاب والوحوش وركض يقطع بلادً وبلاد , مر بإناسٍ بإلوان و السن وديانات شتى , عطش وجاع ونام وأستيقظ ومرض وشُفي وهو لايزال يتبع أثر تلك الفتاة بكل جنون ويحاول فهم لغز العطر بجنون آخر حتى يأس بعد سنوات من السعي خلفها بعد إن وصل إلى هذا المكان !!
_ بنيّ أستيقظ .
فتح عينيه المرهقتين من سهر السنوات في ليلة واحدة , أستنشق ذلك العطر مرة أخرى , وتبع مصدره لغاية النافذة حيث زُجاجة عطرٍ غريبة الشكل وضُعت هناك ....!!